سُعارُ التسعير

 

قرأتُ عن الخروف الجيورجي و لِيَّتِهِ فلم أستًوعب مسألةَ اللِّيَّة! ثم تابعت القراءة فاستنتجت أنها ربما تكون وسيلةً لتفرقته عن الخروف البلدي. لا أدري. لكن بالفهم البسيط أيضاً استنتجت أن توريده سينتج عنه زيادةً في العرض و انخفاضاً متوقعاً في السعر. هذا شيئٌ جيد للمستهلك. قرأتُ كذلك على لسان المستثمر الأردني في جيورجيا عن عرضٍ وَصَلهُ لتحديد سعرهِ للتوريد لتاجرٍ هنا. هو قالَ أنه رفض العرض لأن التاجر هنا سيحتكر الخروف و يحدد السعر الذي يرضيه. و هو يريد أن يصل خروفه للمستهلك بالسعر العادل. تستنتج هنا أن هناك سعرٌ ظالم.

 

و عند التسوق ألاحظ المساحة الواسعة لتسعير اللحوم المستوردة العادية والفاخرة و البلدية و المستوردة المجمدة. وكذلك لحوم الطرائد الموجودة مثل الغزال والنعام. سألتُ اللَّحام الذي أتعامل معه عن إختلاف الأسعار فقال أن التسعير "فيه لعب" و أردف يشرح باقتضاب عن النوعية و العمر و كلفة الموقع. رأيتُ أسعاراً للكيلو من اللحم الفاخر تقارب الخمسين ديناراً، وأقلَّ ما رأيت كان تحت الخمسة دنانير للكيلو. معظم المستهلكين هم بالمدى السعري بين ستة دنانير وثلاثة عشر ديناراً و بحسب النوع. طبعاً هناك قيمة مضافةً ترفع السعر مثل التنظيف و التقطيع و الفرم و التجهيز و شكل الملحمة و إن كانت أسماء القطع و أسعاره مكتوبةً أو مطبوعة بالإنجليزي أو العربي و مظهر اللحام كذلك.

 

لكن تحديدَ السعر لُغزٌ يملك حَلَّهُ أحدٌ ما و ل يبوح به. أتمنى لو أعلمهُ كما أتمنى معرفة كيف يأتينا هذا الكم الهائل من اللحوم الموجودة في السوق، البلدية والمستوردة و تستمر الأسعار في مداها المرتفع. واللغز الثاني هو في انتشار بيعِ اللحوم، بالقيمةِ المضافة للصورةِ و للتقطيع و التنويع، عبر الهاتف بواسطة السوق الافتراضي، واصلاً لعتبة بيتك. إعلانات اللحوم بصورها الزاهية تصل لنا و تدعونا للشراء، كما تقول بأسعار الجملة. لا جدال طويل أنه لا أنا و لا كثير سيعلم الفرق بين سعر الجملة وغيره عند الشراء عبر الهاتف، ولا شم رائحة اللحم ولا شكله إلا من الصورة. لكنه لحمٌ له سوق و إلا ما انتشر. كيف تسعير هذه اللحوم و من يراقب جودتها؟ لا أعلم، و أود أن أعلم.

 

عموماً، الخروف البلدي الذي ليس هو بلدياً بالكامل و لا يتغذى علي الفستق بالتأكيد، و الروماني و النيوزيلاندي و جنوب الأفريقي و السوداني و اللاتيني المجمد و الأمريكي و البريطاني الأنغوس الفاخر كلهم فاغرين أفواههم مجازاً و واقعياً انتظاراً لرفيقهم الجيورجي من دون لِيَّة. وكذلك من يضعُ السعر. وكذلك المستهلك الذي يريد أن يفهم ألغاز اللحوم و أسعارها. و هنيئاً للجميع و فيه العافية.

 

 

Previous
Previous

مُطاردةُ الطلبات

Next
Next

سقطة الشاطر