مُطاردةُ الطلبات

قبل إقفال البلاد بسبب الكورونا كان توصيل الطلبات للمنازل متواضعاً ثم مع الحاجةِ اتسع القطاع لكن مقتصراً على الاحتياجات الأساسية. مع الوقت طالت قائمة المعروض الذي من الممكن توصيله و ازدادت الطلبات. و طبعاً هذه تحتاج لوسيلةِ نقلٍ سريعةٍ مثل الدراجة النارية و السيارة. و التوصيل يختلف زمانه باختلاف الحمولة و من هنا بدأت الظاهرة التي يحبذها و يشكو منها الكثير.

 

تنقسم التجارة هذه إلى خارجي-محلي و محلي-محلي. أشياء كثيرةٌ يمكن طلبها عبر الانترنت من الولايات المتحدة أو أوروبا أو الشرق الأقصى. لا حدود للبضائع هذه إلا تلك المتعلقة بالقوانين الجمركية للوارد من الخارج. أما المحلي من المواد فالمجال بلا حدود. هناك بضائع و خدمات و الناس لها رغبات و الطلب لا يكلف انتقالاً لسوق بل "جعصةً" و اختياراً هاتفياً ثم بعد ساعة أو أيام قليلة يصل الطلب. ساعدت هذه التجارة في التشغيل عموماً و منحت  فرصةَ الشراء دون تعب مبالغٍ فيه لمن لا يستطيع التسوق مثل كبير السن و المريض و الوحيد. كما أنه ساعدَ على تطوير المنتج البيتي و الابتكار فيه.

 

لكنه خلق مشكلتين أو أكثر حسبما أرى. مطاردة الطلبات على الجهتين، الطالب و الموصل. الطالبُ صار يستسهل الطلب على العموم حتى قاربت الحالة أن تصبح هوساً عند البعض. و التاجر يشتكي من التوجه للتجارة الالكترونية الخارجية. و ما من وسيلةٍ فعليةٍ، و لا هي مطلوبة، لتقييدها أكثر لأن كلفتها على المستهلك حتى مع الجمرك و التوصيل تبقى أفضل من المحليِّ، بشهادةِ من طلب، و لأن التجارة الاكترونية نَسَقٌ عالميٌ هادر لن يتوقف عند رغبةِ تاجرٍ محلي. على التاجر أن يبحث عن حلولَ تسويقية لبضاعته و كثيرٌ لا يستطيع. و من يستخدم من التجار خدمات البيع الإلكتروني المحلي فعليه أن يهيئ نفسه بجودة البضاعة و طريقة العرض و أيضاً باسترجاعها عند عدم رضا الزبون و هذه ليست ثقافةَ التاجر في الغالب.  أما المشكلة مع الموصل فهي السرعة. صارت الدراجات النارية و سيارات الطلبات في مُطاردةٍ شوارعية للتوصيل السريع و باتَ مُلاحظاً تحديق السائق للأسفل و هو يتابع الاتجاهات الهاتفية أكثر مما يتابع حركة الشارع الفعلية. و الدراجات النارية تتلوُّى بين السيارات في مظهرٍ خطرٍ غير متوقع و سيؤدي للحوادث. كما أن المشكلة هي في تسديد الثمن عبر الموصل. بعضُ المعيقات تظهر هنا بسبب فروقات الثمن.

 

أعتقد أن من الضروري تنظيمَ هذا القطاع وتطويره و السعي لتجويده بما فيها وسائل الإيصال. هو قطاعٌ نامٍ و له متسعٌ من فرص التشغيل المنزلي والتجاري.

Previous
Previous

جوهر المواطنة

Next
Next

سُعارُ التسعير