الواجب والإيثار والغش والثلج
سنتكلم عن ظواهر متضادة إيجابية وسلبية لا تظهر إلا بالمُلِّمَات، مثل عاصفة الثلج الأخيرة، وعندها يظهر دفين المعادن من الأخلاق والأفعال وما لا ترضاه كذلك منها.
كل الود والشكر للأفراد المنضوين تحت لواء الجهات الرسمية الذين حملوا مسؤولية حماية المواطنين من العاصفة وتبعاتها. ولمن تطوع وهو ليس من جهةٍ رسمية ليساعد في مدينته و قريته و حارته. ولكل جارٍ سأل عن جاره وعاونه. ولمن نشر المعلومات المفيدة عن العاصفة وساعد بذلك بإبعاد المواطنين عن الخطر. ولمن عمل تحت ظروف قاسية بيديه ومعداته لإعادة التيار الكهربائي و لمن فتح الطرق و نقلَ المرضى و داواهم. القائمة تطول لكن ما ذكرت يغطي معظم الذين بالواجب وبالإيثار أَجْلَوْا عن معادن الإنسانية النبيلة غبار الأنانية الإنسانية.
وبالمقابل انقشعت السحب عن خرابٍ متعدد بعضه من طبيعة الأشياء وبعضه من غش الإنسان. أن تنكسر الأشجار تحت ثقل الثلج فهذا طبيعي. أن تجري السيول وتفيض هو أيضاً طبيعي. إنها الطبيعة تنحني للطبيعة. لكن ببلدٍ ليس استثناءً فيه أن تثلج بغزارة، أن تتهاوى المظلات وتنهار أرضيات المواقف فهذا غير طبيعي. لو كان علم الهندسة والضمير سنداً لما انهار ما انهار. والفاجعة هو التَلَّثُمْ خلف مقولة أنها كارثةٌ طبيعية! كارثةٌ أنها أثلجت من بعد العشاء للفجر؟! كيف لو استمرت يومين؟ وقد شهدنا عواصف ثلجية تتبع بعضها البعض منذ سنوات فهل لم نتعلم؟ أليس من مبادئ الهندسة، وقبلها بعدها الأمانة، أن يُحسبَ حساب الأثقال المحتملة و اتجاه و سرعات الرياح وزاوية الميلان و المواد المستخدمة عند التصميم والإنشاء؟ هذا هو المفروض. لكن المفروض واجباً يضيع عند حساب الدنانير ويضيع حق المواطن عندما يجادل دفاعاً عن الحق لأنها كما قالوا له أنها كارثةٌ طبيعية، وليست غشاً ممنهجاً أو تهاوناً يمكن التغاضي عنه.
واجبٌ وإيثارٌ يقابلهُ غشٌ وتدليسٌ. لمن آثر وأدَّى واجبه تحت الثلج والبرد و الصقيع كل دفء المودة التي يمكن تقديمها بكلمات. ولكل من غش و دلَّس باسم الكارثة الطبيعية، نحيلك لقاضي السموات. حسبنا الله ونعم الوكيل.